طالب مراد القاهره
كان الدكتور بطرس غالى سادس امين عام للامم المتحدة حيث
تولى المنصب في اوائل يناير/ كانون الثاني 1992 و لفترة خمسة سنوات . فى اثناء
فترة توليه المنصب توالت قضايا و مصائب فى العالم مثل مذبحة قانا و مجازر
يوغسلافيا و جرائم التطهير العرقي في رواندا عام 1994 حيث كنت في تلك الفترة في
زيارات كثيرة لكينيا من مقر عملي في مقديشو عاصمة الصومال حيث كنت ممثلا لمنظمة
الاغذية و الزراعة ( الفاو ) بالاضافة الى مكاتب المنظمة داخل الصومال كان لنا
مكاتب في جيبوتي و نيروبي .
ومن تجربتي الشخصية من خلال موقعي و تواجدي في قلب الحدث
في مقديشو لم يكن لدى الامريكان اي تقدير
لبطرس غالي و الامم المتحدة ، و عدم التقدير هذا انعكس بالسلب على ممثل بطرس غالي
في الصومال الدكتور عصمت كتاني و الجميع يعرف انه كان كوردي عراقي و كان اول شخص
من العالم الثالث يصبح رئيسا للجمعية العامة للامم المتحدة ، و كان علي خلال هذه
الفترة بصفتي ممثلا لاحدى منظمات الامم المتحدة ان ازور الدكتور عصمت بمكتبه بصفته
رئيسا لنا ، ومازلت اذكر كيف كان كبار ضباط الجيش الامريكي ينظرون له نظرة استعلاء
و اظن لكونه عراقيا بالتحديد ، و كان الامريكان قد اعدوا ادميرال هاو الامريكي
ليحل محله ، و ما زاد الطين بلة انهم اتوا بسفيرة امريكا لدى العراق اثناء احتلال
الكويت من قبل العراق ابريل كلاسبي و التي اعطت الضوء الاخضر لصدام حسين لغزو
الكويت اتوا بها لمكتب الامم المتحدة في مقديشو مع الدكتور عصمت كتاني و كانت تحضر
معنا اجتماعات ممثلي الامم التحدة الصباحية في مكتب عصمت كتاني .
و تفاقمت المشكلة بين بطرس غالي و الامريكان حيث وصفت
مادلين أولبرايت الدكتور بطرس غالي بالرجل الصعب و العنيد و اتهمته بأن اراؤه
محدودة لذا انهت الولايات المتحدة عمل بطرس غالي بعدم تجديد عمله لفترة ثانية .
و قد شرح الدكتور غالي اراؤه عن الامم المتحدة في كتاب
نشر في فرنسا و ترجم الى العربية تحت عنوان ( خمسة سنوات في بيت من الزجاج ) و ذكر
في كتابه ان السبب الحقيقي لعدم التمديد له ان الولايات المتحدة تحاول ان تفرض
هيمنتها على هذه المنظمة العالمية . و بالفعل ارتقوا ب كوفي عنان المسئول الامني
لدى الامم المتحدة ليحل محل بطرس غالي و كان كثير الزيارات لمقديشو لكونه كان
مساعد بطرس غالي للشئون الامنية .
قابلت المرحوم الدكتور بطرس غالي في ممر هبوط طائرته في
مقديشو حيث كنا في استقابله و كان على رأس المستقبلين له الدكتور عصمت كتاني و كان
معنا زميلي استيفان ديمستورا الممثل
الحالي ل بان كي مون في سوريا حيث كان انذاك ممثلا لمنظمة اليونيسيف بالصومال ، و
كالعادة تمكن الجنرال عيديد من تخريب الزيارة و ذلك بإفتعال مظاهرات ضد زيارة بطرس
غالي لمقديشو و انا على ثقة ان الامريكان هم من حرضوا الجنرال عيديد و زمرته على
تخريب هذه الزيارة و تخريب عمل كتاني ، و الغريب انه بعد سنتين و بتاريخ 30 يوليو
/تموز عام 1996 قتل الامريكان الجنرال عيديد و كان هذا اليوم اخر يوم لي في صومال
بعد انتهاء فترة عمل استمرت 8 سنوات و مازلت احتفظ بعدد من جريدة ( بلديق ) الصومالية
والتي كان يصدرها الجنرال عيديد و التي اتهمنا على الصفحة الاولى بالجريدة انا و
الدكتور عصمت كتاني بإننا اكراد و كأننا مجرمين لكوننا اكراد .
ان قالب الصب الذي انتج رجالا مثل غالي و كتاني قد تحطم
No comments:
Post a Comment