استيقظت من قيلوله قصيره استمتعت بها ظهر اليوم مستخدما مكيف الهواء في غرفة نومي رغم اننا في الايام الاخيره من شهر اكتوبر ودفعت جسمي دفعا طوال الممر الطويل بين غرفة نومي والصاله التي اترك فيها الكومبيوتر وفيه كذالك جهاز التلفزيون والذي اتركه دائما لاستلام فضائية العربيه الحدث. واليوم وبعد ان ضغطت على زر التلفزيون لتشغيله ظهر على الشاشه وجه اعرفه وكان الخبر بخصوص تعين سفير للسودان في جنوب السودان والسفير هو الدكتور مطرف الصديق
|
صوره - 1مع الاخوه السودانيين في افكوى |
أن المحطه التلفزيونيه اعطت اهميه للخبر لان هذه هي المره الاولى التى يتم تعيين سفير للسودان في جنوبه. غرابة الخبر هو ان خطوط الحدود الفاصله بين الدول العربيه تم رسمها من اكثر من قرن بمساطر من قبل ضباط مساحه بريطانيين او فرنسيين باقلام وخطوط سوداء ويصر العرب الان على انها خطوط حمراء منزله من السماء ولايمكن المساس بها تحت اية ظروف. ففي خلال العقدين الماضيين تغيرت حدود كثيره اقدم بكثير من الحدود المصطنعه بين دول العرب وازيلت دول واضيفت اخرى الى قائمة الدول في الامم المتحده .لكن الخطوط السوداء التي رسمها الانجليز والفرنسسين اصر العرب على انها حمراء والسبب هو يا اما عندهم مرض عمى الالوان المزمن اوعدم فهمهم للعالم الجديد وتطلعات الشعوب التي تعيش ضمن حدود ماسماه احمد سعيد ايام جمال عبد الناصر بالعالم العربي في اذاعة صوت العرب . انا متأكد بأن خيم التعزيه نصبت في دول عربيه حزنا على تقرير شعب جنوب السودان لمصيره ولا اعرف كيف استقبل العرب تعين اول سفير للسودان في جنوب السودان؟
اخذتني الذاكرة الى فتره زمنيه وقبل اكثر من عقدين وبالضبط في اواخر عام 1988 اي في اواخر ايام سياد بري عريف الشرطه الايطاليه-الصوماليه السابق والذي حكم البلاد 22 عاما. حيث حلت بي رحال الغربه في الصومال كمدير مشروع لمنظمة الفاو, وهناك تعرفت على اصدقاء سودانيين طيبين . نعم طيبين فخلال العقود الثلاثه والنصف التي عملت فيها الشرق الاوسط وشرق وشمال افريقيا لم اجد مثل طيبة السودانين والمصريين وعلى مايبدو ا ان هذين الشعبين يرتون الطيبه من مياه النيل و للسودانيين طيبة مضاعفة لان عندهم نيلين النيل الابيض والازرق. فبعد ايام من وصولي الى الصومال لم اجد عراقيا واحدا هناك وقد عرفت حقيقه بأن جميع الموظفين الدوليين الكورد اللذين عملوا في الامم المتحده ,رغم قلتهم, قد قضوا فتره عمل في الصومال ومن بينهم المرحومين د.اكرم الجاف والدكتور عصمت كتاني والذي كان اول شخص من العالم الثالث يرأس الجمعيه العموميه للامم المتحده وحضر الى الصومال ممثلا عن بطرس غالي وعملت معه لفتره وعرفته عن كثب وقد قامت جريدة عيديد والمسمات بلديق بسبنا وتهديدنا نحن الاثنين لاننا "كورديين" ومازلت احتفظ بهذا العدد من الجريده والمطبوعه بجهاز رونيو
واما الاخوه السودانيين فكان اكثرهم من الموظفين الدوليين واطباء و قاموا بالواجب و بكل رحابه تبنوني انا وعائلتي اذا اصبحنا اعضاء في جاليتهم الكبيره والمنظمه و دعونا الى بيوتهم واكلنا الويكه والملاح والكسره مثلهم. كانت العوائل تذهب صباح كل يوم جمعه الى مزرعة الشيخ زايد في افكوي (صوره1) والتي كانت تقع مباشرة على نهرالشبيلى (صوره 2) وتبعد عن مقديشوا حوالي 40 كم . كانت تلك هي الفسحه الوحيده للعوائل في بلد كانت كل المؤشرات تدل على انها كانت على شفا الهاويه
|
صوره - 2 مدينة افكوي |
مزرعة الشيح زايد كانت شاسعه ومغطاة بأشجار قديمه وكبيره وارفه منها اشجار المنكا والببايا وكانت هناك نوع من القرود في اعالي الاشجار واثناء تواجدنا كانت القرود تحاول اختطاف الاطعمه والحلوى من الاولاد اثناء تجولهم في المزرعه\غابه. من المفارقات المضحكه التي لاانساهه ولاتنساه عائلتي رغم مرور حوالي ربع قرن على الحادث وهو في احدى الجمع حيث كنا متواجدين في الغابه وقبل الغذاء وكالعاده كان زملائي يتهيئون للذهاب الى مسجد افكوي لصلاة الجمعه وجميعهم كانوا يرتدون الجلابيات الناصعه البياض والعمم الكبيره والتي كانت قد جذبت انتباه وفضول ولدي( دانا) حيث كان يريد معرفةعدد لفات العمامة السودانيه وخاصة عدد لفات عمامة صديقي العزيز الدكتور علي كمبال العميد السابق لكلية زراعة الخرطوم وكان كبير خبراء البذور في الامم المتحده في الصومال. قام زملائي بالوضوء في المزرعه كالعاده وقبل توجهم الى المسجد بفتره قصيره لاحظت مشاده بين االقرود والاطفال واذا بالقرود تتسلق الاشجار الشاهقه وبدأت برشنا بزخات متواصله من البول ورغم مرور ربع قرن على الحادث وحتى اليوم و الضحك الذي ينتابني وانا احاول ان اكتب عن موقعة القرود في افكوي وكيف حاول اصدقائي الهروب لاجتناب ماكانت تنزل عليهم من اعالي الاشجار وتبطل وضوئهم وتلوث الجلاليب الناصعة البياض. كان بين المجموعه المتواجده في افكوي طبيب شاب اسمه مطرف الصديق يعمل مع منظمه اسلاميه خليجيه تعمل في الصومال
بعد الانتهاء من رحلة افكوي كان الرجال يجتمعون ليلا في حديقة السفاره السودانيه للعب الورق والطاوله والدومينو وكان السفير يشترك في كل هذه الفعاليات. واستمرت هذه الفعاليات التي كنا نفتعلها للترفيه عن انفسنا وعائلاتنا في بلد كان الامان والرفاهيه فيه مفقوده
يوم 30.6.1989 وقع انقلاب عمر البشير على حكومة الصادق المهدي في السودان. ولم تستغرق انعكاس الانقلاب فتره طويله لالقاء ظلالها على الجاليه السودانيه في مقديشو وبعد يومين او ثلاثه من الانقلاب توجهنا لحديقة السفاره وبدل الطاوله والكارته ظهرت المصاحف لتلاوتها من قبل البعض من زملائنا وعرفت ان السفير رحب بالاوضاع الجديده في الخرطوم واعلان نهاية الترفيه البسيط الذي كنا نتمتع به في تلك الفتره في مقديشو البائسه حيث كانت الاجواء تهيأ البلاد لتكون حاضنه للفوضى والقتل. ان ماحصل لشلتنا اصابتني بنوع من الاحباط, اذ ان عهدي بالسودانيين غير مارأيته في تلك الايام. لقد عرفتهم عن كثب في اوائل السبعينيات مزاملا اعزاء سودانيين من طلبة الدكتوراه في جامعة ليفربول. وعرفتهم اكثر في اواسط ذالك العقد اذ ساهمت في انشاء اول كليه للطب البيطري في طرابلس- ليبيا مع زميلي الدكتور حماد بكادي, وكنا نحن الاثنين رئيسين لقسمين من الاقسام الثلاثه في الكليه ود.حماد كان عديلا للصادق المهدي والذي كان يعيش في طرابلس انذاك. وبمرور الايام كان اكثر اعضاء هيئة التدريس في الكليه الناشئه من السودانيين. والطرفه المتدواله بيننا انذاك كان حول التشابه بين الكورد والسودانين هو ان الكردي عندما يقول"نه" معناه كلا اي تشبثه بارائه مثلهم مثل السودانيين. مارأيت من بعض زملائي السودانيين انذاك وما اراه الان في كوردستان يمكنني الجزم بأن الشعبين اصبحوا لايتشبثون بارائهم كما كان متعارف عنهم في الماضي وفقدوا مزاجهم العصبي الحاد . بعد انقلاب البشير وتغير الاجواء داخل الجاليه السودانيه والاهم داخل حديقة السفاره قلت زياراتي واتصالاتي مع الجاليه
|
صوره 3: بيتي قبل وبعد الهجوم
واثار الرصاص على الباب |
الاشهر الاخيره من عام 1990 شهدت الصومال حوادث خطيره منها كانت دمويه قامت بها المعارضة الصومالية المسلحة وتفرقنا جميعا وتمكنت عائلتي من ترك الصومال قبل سقوطها بيد الثوار بأربعة اسابيع. ومع الايام الاولى من شهر يناير 1991 بدأ هجوم المسلحين على احياء كثيره من مقديشو وخلال شهر تم سرق ونهب البيوت والسيارات و الممتلكات الشخصيه والحكوميه ودمرت مقديشو عن بكرة ابيها . بيوتنا وممتلكاتنا انا والسودانين كانت من الضحايا الاوائل لتخريب الصومال(صوره 3). واما عائلتي فمصيبتتنا كانت اكبر لان الاطفال كانوا يحتفظون بعدد من الحيوانات في الحديقه وعرفت فيما بعد بانها قتلت جميعا من بينها نوع نادر من القطط الوحشية. ( صوره4
في اوائل سبتمبر 1991 رجعت الى هركيسا عاصمة شمال الصومال والتي اعلنت انفصالها عن مقديشو واعلان جمهورية ارض الصومال في 18.5.1991 وحضرت وعايشت مأساة ذالك الشعب التي دمر مدنها سياد بري في اوائل الثمانينيات. عدت الى هركيسا كمسئول عن الاغاثه الزراعيه في منظمة الفاو في شمال الصومل. ان ارض الصومال كانت دوله مستقله معروفه باسم الصومال البريطاني وبعد استقلالها من بريطانيا في عام 1960 اصرت على الوحده مع الجنوب اي صوماليا الايطاليه في الجنوب والتي كانت شبه متخلفه وفيها الكثير من المستوطنين الايطاليين
|
صوره 4:قط السيرفل الافريقي قتل داخل البيت |
إن ارض الصومال قد انفصلت من الصومال وعادت الى ماكانت عليه منذ اكثر من عقدين من الزمن الا انها لم تنل الاعتراف الدولي بهذا الكيان المستقر والمزدهر بعكس الجنوب. ارض الصومال كان ومايزال يعاني من لعنة الخطوط الحمراء التي يفرضها العرب ويبتزون الشعوب التي تعيش في كنفهم علما ان الصوماليين ليسوا بعرب بتاتا وعروبتهم حازوها نتيجة لطمع سياد بري للدولارات النفطيه وادخل بري الصومال الجامعه العربيه عام 1974وهذه كانت بداية مأساة هذا الشعب الجميل والقاطن على اجمل بقعه من شرق افريقيا . الشعب الصومالي ( باجزائها الخمسه) لايوجد مثيل له في تجانسه والتجانس هذا ينعكس في اللغه واللهجه والدين والمذهب والعادات وحتى اشكالهم واكثرهم كانوا من الرعاة الرحل ومع كل هذا اصبحوا من اكثر شعوب العالم منقسما على نفسه كل ذالك بسبب التأثير المباشر لتدخلات ودولارات دول المنطقه الغنيه.
بعد حوالي سبعة اشهر توجهة جنوبا و رجعت الى مقديشو وبدئنا باانشاء عدة مراكز للمعونه الزراعيه و الخدمات البيطريه للفاو في ارجاء مختلفه من الصومال وكانت مواقع مراكزنا تتغير بإستمرار بعد عمليات النهب والسلب والاعتداء على العامليين وحسب مزاج وابتزاز امراء الحرب المحليين . انا شخصيا كنت معرضا لمخاطر كثيره وتهديدات وحتى الخطف في قسمايو. تغير اماكن مكاتبنا ومخازننا وكانت تصاحبه عادة تغير العاملين و تغير الحرس او المليشيات وكانوا عادة من نفس عشيرة واقرباء امراء الحرب المحليين الذين كنا نحل في مناطقهم بعد طردنا من مواقعنا القديمه. وباللهجه العراقيه كنا مثل"ام البزازين" اي مثل ام القطيطات وتنقلها الدائم من مكان لاخر حاملة قطيطاتها.
|
صوره 5: يوم انزال الامريكيين من سطح مكتبنا |
في عيد راس السنه الميلاديه 1993 لم اذهب لزيارةعائلتي في بريطانيا لقضاء عطله راس السنه معهم اولا لعدم تمكني القيام بذالك لصعوبة السفر وثانيا لاننا في مقديشو كنا بانتظار بابا نويل"فاذر كرسمس" وهدية بابا نويل كان على شكل انزال 32000 عسكري امريكي على الشواطىء الصوماليه مدعومة بالهليكوبترات (صوره5 ). قبل الانزال بأيام ترك جميع اصحاب العيون الزرقاء العاملين في الامم المتحده والمنظمات الدوليه الغير الحكوميه واتجهوا للغرب وكينيا لقضاء عطلة الكريسمس والابتعاد عن الحرب العاصفه التي سيخوضها الجيش العرمرم الامريكي في الصومال لنزع سلاح المليشيات وخاب ظنهم جميعا حيث لم تطلق رصاصه واحده من قبل الطرفين
|
صوره 7 |
حضرت انا وصديقي الدكتور الاردني خالد ابو رمانه وصول هدية بابا نويل الى مقديشو, جلب الكثير من الصوماليين صباح ذالك اليوم اسلحتهم ومنها الثقيله لتسليمها الى القوات الامريكيه الصديقه والتي كان من بين افرادها الابن الاكبر لعيديد العريف حسين. لم يتجاوب الامريكيين لطلب الصوماليين بحجه انهم قدموا للصومال لتوزيع الاغذيه و مساعدة الامم المتحده للتخفيف من المجاعه في البلاد وليس لنزع سلاح المسلحين الصوماليين. والسؤال الذي كان يحيرني انذاك واتذكر بأني سألت ممثل الامين العام للامم المتحده المرحوم عصمت كتاني في مكتبه عصر ذالك اليوم بعد ان استقبل كتاني كبار الضبا ط الامريكين وتنفسنا معه كمية هائله من الغبار المتصاعد من سجاد المكتب نتيجة لقيام الضباط بالتحيه االعسكريه والمصحوبه بدك الارض تحت اقدامهم. واردت ان اعرف لماذا ارسلت امريكا هذه الهديه الكبرى والمتمثله بجيش عرمرم لتوزيع الطعام اذا كان بإمكان المنظمات عمل ذالك لو وفروا لنا الدعم اللوجستي والمادي. فضحك المرحوم عصمت كتاني وقال انت جديد على الاميركان و لا تعرفهم "غدا لناظره لقريب". بعد ايام من هدية بابا نويل الاولى للصومال وصلت الهديه الثانيه وكان بوش الاب. لقد عملت مع خمسة ممثلين لبطرس غالي وكوفي انان من عام 1991 لغاية مغادرتي للصومل في اغسطس 1996
|
صوره 6 |
الانزال الامريكي منذ بدايته كان مصحوبا بالتوتر وسببه ان الجيش الامريكي والشعب الصومالي يتميزان بمزاج عصبي حاد يشاركهم في ذالك السودانيين وبني قومي الكورد. بعد عشرة اشهر من الانزال الامريكي وبالضبط يوم 3 اكتوبر 1993 وجدت نفسي نزيل الفندق الوحيد في مقديشو وكان اسمه " اوتيل ناس حبلود" في وسط مقديشو, انتقلت الى الفندق بعد ان فقدت مكتبي وسكني وحراسي والعاملين معي .اذا كان مكتبنا واقعا في منطقه تعود لسيطرة الجنرال عديد والذي اخذ يناصب الامم المتحده ومنضماتها العداء معتبرنا ذيولا للامريكان. كنا نزيلين وحيدين في الفندق والنزيل الاخر معي كان السفير السوداني للصومال انذاك واسمه عبد الباقي ويحمل شلوخ على وجنتيه. وظهر ذلك اليوم المشئوم فتح الجحيم ابوابه من حول فندقنا اذ بدأت المعركه المعروفه بين عيديد والامريكان ادت الى موت 19 امريكا وسقوط هليكوبترين و قتل اكثر من الف صومالي. المعركه كانت بعيده عنا بمسافة كيلومترين ولكن كان هناك ضرب شديد من حولنا فنزلنا انا والسفير الى الطابق الارضي والذي كان تحت مستوى الشارع. كان المعروف انذاك بأن الحكومه السودانيه بقيادة البشير كانت على ود مع الجنرال عيديد
|
صوره 10: الاشخاص الذين حموني لفتره طويله |
اسم الفندق الذي نزلنا"حوصرنا" فيه انا والسفير السوداني كان اسمه ناس حبلود وتعني بالصوماليه نهود العذراء(صوره6). لا اعرف ماذا حل بالفندق واسمه المتواضع على يد حركة الشباب بعد احتلالهم لمقديشو. ناس حبلود هما تللين موجودين في شمال غربي الصومال وقريبه من مدينة هركيسا( صوره 7). وعرفت بأنه وفي العراق وقريبا من الحدود الاردنيه وبقرب قاعدة الوليد يوجد تللين مشابهين لما موجود في الصومال واسمهما نهيدين
|
صوره 8: ماتبقى من السفاره البريطانيه-جيراننا |
بعد حوادث 3 اكتوبر تمكنت من ايجاد مكتب ومقر جديد للفاو- صوماليا في وسط مقديشو وفي منطقة حمر جب جب و مباشرة بجوار ماتبقى من السفاره البريطانيه.(صوره 8) لقد اخترت المنطقه لكونها قريبه من الميناء ولوجود طريق خلفي يوصلنا لما تبقى من مطار مقديشوالدولي(صوره 9) و التي كانت تحت سيطرة القوات المصريه والتي كنا على اتصال دائم بهم وكذلك لاني سكنت لفتره في تلك المنطقه قبل بدء الحرب الاهليه . كما حصلت على الحماية والترحيب من سكان المنطقه وخاصة ابناء سليمان (صوره 10) وهي واحده من الافخاذ السبعه لعشيرة الهويه الكبيره والتي كان الجنرال عيديد احد افرادها. مكتبنا الجديد(صوره 11) كان يحتوي على سكن ومخازن وسكن للحرس وكراجات وبئر للماء وحصلنا على مولدتين كبيرتين من الامريكان لانارة المكتب والمنطقه والتي نالت الاستحسان من الجيران
|
صوره 9: مطار مقديشو الدولي |
بدأت القيام برحلات مكوكيه بين مقديشو ونايروبي وجيبوتي حيث كنا نحتفظ بمكاتب وموظفين هناك ومستعملا طائرات صغيره تابعه للامم المتحده لجلب المعداة الزراعيه(بذور- سماد-كيمياويات- معدات) ومعدات صيد الاسماك و مواد بيطريه وبشتى الوسائل(منها شجصيه بحته) لبلد زراعي يموت شعبه جوعا و فيه نهرين دائميي الجريان (شبيلي وجوبا) ويملك ثروه حيوانيه تقدر بأكثر من خمسين مليون من الحيوانات المجتره و للعلم فان الصومال تملك نصف عدد الابل في العالم. الصومال لها شواطي غنيه بالاسماك والتي كان يجني خيراتها قراصنه من كل ارجاء العالم مستخدمين بواخر صيد و في نفس الوقت كانت تعمل كمصانع تعليب وحسب علمي بأن هولاء هم السبب في قيام الصوماليين بلانتقام من السفن الاجنبيه اولا ثم قيامهم باعمل القرصنه فيما بعد وكانت الكثير من السفن ومازالت تلقي حاويات ذات محتويات خطيره على الشواطي الصوماليه
|
صوره 11: ماكتب على سطح مكاتبنا لتعريف
هليكوبترات الاباجي الامريكيه بهويتنا |
ميزانية منظمة الفاو في الصومال والتي كنت ارأسها لاربعة سنوات والتي كانت تقوم بمهام وزارة الزراعه لعدم وجود حكومه, كانت تعادل نصف المبلغ الذي تصرفه الامم المتحده لشراء مياه معدنيه لاستعمال الجنود الباكستانين ذوي القبعات الزرقاء هذا ما صرحت به في احدى المرات لوكالة انباء فرنسيه استلمت على اثره عدة فاكسات ورسائل قبيحه من المقر الرئيسي للمنظمه في روما توبخني على ما ذكرت من حقائق مخجله لما تقوم به(بل لاتقوم) منظمات الامم المتحده المتخصصه
|
صوره 12 :لفات القات الذاهبه الى الصومال
من كينيا جوا وبكميات كبيره ويوميا |
الطائرات الصغيره السياحيه وطائرات الامم المتحده كانت تستعمل مطار ويلسون الصغير والذى يقع جنوب نايروبي. ففي احدى الايام قامت سلطات الطيران الكينيه بالتشديد على صلاحيات وسلامة الطائرات التي تستعمل المطار بعد حدوث عدة حوادث طيران مروعه, مما ادى الى اضراب الطيارين في ذالك المطار وتركت الشحنات الذاهبه الى مناطق صوماليه مختلفه على جنب الطائرات لان سلطات المطار منعت عمال الشحن من شحنها مالم تحصل الطائره على الموافقه. لقد اكتشفت ووثقت مارأيت انذاك و بالصور(صوره 12) حيث ان الطائرات التي كانت ستنقل لفائف القات الكيني ( لفائف يبلغ وزن الواحده منها حوالي 20كغم مغلفه بالجوت او الخيش المبلل بالماء) الى الصومال كانت اكثر من عشره واما طائرتنا فكانت الوحيده التي تحمل بعض المساعدات الانسانيه الى ذالك البلد المنكوب.
كانت الطائرات من مطار ويلسون تقلع فجرا وصباح احدى الايام وصلت المطار وحصلت على بطاقه الركوب الزرقاء وجلست لوحدي بانتظار الطيار وقد لاحظت وجود شخص اخر يجلس في الجهه المقابله وتذكرته رأسا اذ كان الدكتور مطرف الصديق والذي لم اراه منذ اكثر من اربعة سنوات. واستفسرت منه عن سبب ذهابه الى الصومال فقال لي ان السفير السوداني والذي كان معي في الفندق يوم معركة الامريكان مع قوات عديد قد اختطف من قبل عيديد حليفهم القديم. طمئنته واعلمته بأن العاملين معي في مقديشو سيأخذوننا من المطار الى سكننا وربما سيسهلون له الاتصال بالمخطوف والخاطفين
حال هبوط الطائره على مدرج مطار مقديشوالمتهالك رأيت الشباب يانتظارنا قرب المدرج. واقترحت على د. مطرف ان يقابل قائد القوه المصريه في الصومال والذي كان مقره في المطار العميد عبد الجليل فخراني رغم برودة العلاقات بين مصر والسودان في تلك الايام. فتوجهنا الى مقر الفخراني وكان له مساعد اسمه العقيد ابراهيم وبعد دخولنا المكتب عرفت زميلي بالعقيد مكتفيا بذكر اسمه الاول مطرف دون ذكر اسباب وجوده في المطار واخبرته بان مطرف يرغب بمقابلة الفخراني. فقال العقيد بأن هناك مجموعه من الصوماليين مع رئيسه وحال خروجهم سيأخذه لمقابلة الفخراني. وبسرعه ظهرت كبايات الشاي المصريه "سكر زياده" وبدأنا باحتسائها على انغام اصوات الرصاص والقادمه من الاماكن القريبه من المطار. وهنا قال العقيد وبكل جديه وتهكم" يا استاذ الدنيا مولعه في مقديشو وانت جاي تغني, وانت حتغني فين انشاء الله" على مايبدو ان
العقيد سمع مني كلمة مطرب بدل مطرف