ظلم بلا حدود

خضر وجمال مع اختهم الكبيره في اخر زياره لها عام1982

    

توجد منظمة انسانية ممتازة اسمها اطباء بلا حدود و كذلك توجد هناك منظمات لاتقل شأنا منها مثل صحفيين بلاحدود وصيادلة بلا حدود وقد اطلعت على الاعمال الجيدة لهذه المنظمات اثناء عملي في افريقيا لاكثر من ثلاثة عقود. اما نحن (اولاد الخايبة ) الذين صادفنا اننا ولدنا في هذا الجزء من الكرة الارضية فعندنا منظمه تسيطر علينا جميعا ونحن في بطون امهاتنا اسمها( ظلم بلا حدود). لقد عايشنا وعشنا مع هذه المنظمة الهائلة وقبلنا بما ترميه علينا و ما تاخذه منا. لقد قبلنا بمنظمتنا هذه واصبحت عند الغالبيه منا شعور بانها لابديل عنها. ومقاومتنا اختصرت بكلمة واحدة وهي: القول بان هذا هو" امر الله". أمر الله: ان سبحانه لم يظلمني ولكن قسم من مخلوقاته الدنيئه هي التي تظلمني بارادتها وليس بامر من الخالق. ان هذا يعطيك شعور بانك سمكة صغيرة حقيرة في داخل حوض ماء صغير وصاحب الحوض هو من يمسك تلابيب بقائك من عدمه.لقد تعودنا على العيش في ظل منظمة الظلم فاصبحنا لانفكر او حتى نجرأ على التفكير بما يجري خارج جدران المنظمة.
في هذه الايام وانا اتعافى من عملية جراحية اجريت لي و قد حشروا لفائف طبيه في أنفى حشرا الى درجة متعبة ومؤلمة ومملة و تتداخل مع تنفسي .ان العملية الجراحية قد عكرت مزاجي الى درجه عالية. وما زاد الطين بلة هو: ان شيخ دين شيعي اسمه (جلال الدين الصغير ) اطلق تصريحات لم تكتفِ بالعداء للكورد ولا بالتعبير عن اختلاف أو خلاف بل حملت خطابا تحريضيا بما يهيئ أرضية أعمال عدائية ضد الشعب الكوردي وربما شنّ حرب إبادة جديدة يتطلع إليها فاشست جدد منتظرين انتهاز الفرصة المناسبة للظهور. لقد قال بان الامام المهدي الغائب سيستأصل الكورد حال ظهوره. ونحن_ كشيعة كورد_ ومن اتباع الامام المهدي دائما ندعوا الله بان يعجل ظهور الامام الغائب لينقذنا من كافة انواع الظلم الذي نعاني منه وينشر العدل والمساواة في الارض واذا بشيخ ارعن يقول لنا بان الامام الغائب سيستأصلنا من جذورنا حال ظهوره. ياترى هل نستمر بالدعاء لظهور الامام الغائب ام نسكت على موضوع الظهور هذا ونخلص انفسنا من الاستئصال وعلى ما يبدو ان مصيرنا اسود اينما ندير وجوهنا.
ولم يشرح لنا الشيخ ضلال الدين الصغير(الدنماركي الجنسيه والتي لم توثر على عقليته القندهاريه) لماذا يعادي الامام الغائب الاكراد بالذات ألم تكن لهم مشاكل مع الحكومات المتعاقبه في العراق؟ ألم يعايشو جرائم صدام اربعة عقود ؟ ألم يعاملوا كيمياويا وقصفا بالطائرات؟ ألم يهجروا؟ ألم يبعدوا ؟ألم تنهب بيوتهم وممتلكاتهم ألم والم...

في نفس هذه الفتره كانت اثنتان من بنات خالتى المرحومه( ام خضر ) كانتا في السليمانيه قادمتان من بغداد وذاهبتان الى ايران بعد ان فشلوا في العثور على اي شىء يدل على مصير اخويهما والذين اختفوا منذ عام 1982 اي قبل ثلاثين سنه بالضبط ولم يعثر لهم على اي اثر حتى الان.
وبهذه المناسبة اريد ان اركز على مصير عائلة خالتي(ام خضر) عائلة واحدة من الاف عوائل الكورد الفيليه والتي قصص مصائبها تشيب الاطفال مبكرا . فهذه العائلة الصغيرة المسكينة استأصلها صدام ثلاثين عاما قبل تنبئات الشيخ الصغير والسؤال المحير لماذا لم يظهر الامام الغائب اثناء الحكم الدموي لصدام؟
والدتي كانت لها اخوين واختين كيف ماتوا وتحت اية ظروف هذه اتركها لتوثيقات اخرى. خالتي( ام خضر) تمرضت وتوفت قبل استأصال عائلتها من قبل صدام لذا لم ترى الدرجات العليا من ظلم صدام واذنابه وما حصل لعائلتها من بعدها. ام خضر كان لها ولدين خضر وجمال وثلاثة بنات.خضر كان موظفا وكان قبل ذلك عسكريا قد سرح قبل فترة وجيزة وبعد بدأ الحرب الايرانية العراقية مباشرة استدعي خضر مرة اخرى وكان ينهي للعودة للخدمة العسكرية ولكنه كان ينتظر اخوه الصغير والذي كان مجندا في الجيش رغم انه كان قد اعفي من الخدمة العسكرية لحالته الصحية ولكن الالة العسكريه الصدامية كانت تحتاج الى وقود من الشباب العراقي لادامة الحرب. لذا سيق جمال الى حرب وقتال وهو لايفقه عقليا من اي شي يدور حوله.
في ربيع 1981 وعندما تمكن جمال من اخذ اجازه صغيرة لزيارة اخواته واخيه خضر المتزوج والذي كان عنده ولدين صغيرين. بعد وصوله للبيت وكانت في مدينة الثوره (صدر حاليا) ولقائه المفرح مع العائلة بعد غيبة طويلة واذا بملائكة الموت رجال صدام يرفسون باب بيتهم بعنف وياخذوهم وسط صخاب و بكاء النساء والاطفال. وبعد ذللك سمح لاختهم الكبيره بزيارتهم عدة مرات ولكن منذ عام 1982 لم يقتفى لهم اثر . وبعدها بعدة اشهر طردت العائلة برمتها من العراق. وبعد لجوئهم الى ايران سجلت زوجة خضر ولديها في مدرسه ايرانية وفي اول يوم من بدأ الدراسه دهست سياره الطفل الاصغر امام المدرسة ونكبت العائلة مرة اخرى.
حقوق,شهداء, مغيبين , مرتبات للعوائل,تقاعد. كل هذه هم غير مشمولين بها .لامن حكومة المركز ولا الاقليم هولاء عندهم قناعة تامة بان الظلم مكتوب لهم. يا حبذا لو تكلم الشيخ عن ظلم وحقوق هولاء من وطنهم الذي يجني اكثر من 100 مليار دولار سنويا ، نعم كلنا متساوين في هذا الوطن الغريب ولكن البعض منا متساوي اكثر بكثير عن الاخرين.